Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
22 mars 2006 3 22 /03 /mars /2006 00:00


المقطع الثاني والأخير من وقائع معركة جبل زكري 7 نوفمبر 1955

نقطة الانفجار: بعدما تم اقتحام المنطقة التي يتواجد فيها المجاهدون البالغ عددهم نحو الخمسين مجاهداً، وتماشيا مع نظام جيش التحرير آنذاك، وعملا بالتكتيك الحربي المعمول به، اتبع المجاهدون أسلوب المجموعات الصغيرة وتوزعوا على شكل نقاط متفرقة مع الاحتكام قدر الإمكان إلى أسلوب التمويه والإخفاء ثم المباغتة لانزال أكبر قدر من الخسائر في صفوف قوات العدو. وكعادة أفراد جيش العدو الخسيسة، اتجهوا مباشرة إلى منازل السكان المدنيين وراحوا يقلبونها رأسا على عقب، ويسلطون على الأهالي شتى أنواع المعاملات اللاإنسانية، وقدر الله أن يلتجئ بعض المجاهدين الى أحد المنازل فيغلقون بابه وراءهم، وحاولت نساء القرية اللائي اجتمعن بساحة المنزل خدعة قوات العدو لإبعاد شبح الخطر عما بداخله، وقد أجبن عندما سئلن من طرف قوات العدو عن سبب غلق باب هذا المنزل بأن صاحبته غائبة، بيد أن قوات العدو أصرت على فتح الباب والتأكد مما بداخله، فاتجه حينئذ نفر من جنوده وأجهشوا على باب المنزل محاولين تكسيره، ولما أيقن المجاهدون المختفون بداخله بأن باب المنزل اقترب من الانكسار بادروا بإطلاق النار على أفراد جيش الاحتلال المقتحمون. فأوقعوا في صفوف هذا الأخير العديد من القتلى والجرحى وأسرعت الباقية بالفرار إلى المنازل المجاورة فاحتموا بداخلها خوفا من أن تصلهم نيران المجاهدين. وتماشيا من التكتيك الذي يتبعه جيش التحرير امتدت عمليات القتال الى بقية المجموعات الاخرى، أين برهن أثناءها مجاهدينا في ميدان القتال عن بطولاتهم النادرة وهذا بشهادة واعتراف أحد ضباط جيش الاحتلال الذي كان يقود العملية. اذ استطاع مجاهد واحد أن يأدي واجبه على أكمل وجه فيقضي على عدد كبير من رجال العدو ثم يستشهد، وعلى هذه الوثيرة تواصل القتال بين عدد لا يتعدى خمسون مجاهدا بقيادة المجاهد البطل ديدا قدور وزملاءه قادة الأفواج وهم الشهيد بن علال محمد المدعو ثوريا قوال موسى ، والشهيد سي علي.
سير المعركة ونتائجها:
يروي جل المجاهدين الذين عاشوا وقائع هذه المعركة البطولية، أو الذين كانوا محاذين منها أن المجاهد الجزائري كان على دراية تامة بأساليب الحرب النظامية من حيث التخطيط والتنفيذ واختيار نقاط الاشتباك والاصطدام التي يراها مناسبة لتحقيق الهدف حتى يتجنب ما أمكن الخسارة الكبيرة التي هو ليس في مستواها ولم يمنع المجاهدون من تحقيق أكبر نصر ضد قوات العدو بالرغم كما أسلفنا من التباين والتفاوت الملحوظ بين القوتين ورغم وجود عوائق طبيعية لا تساعد على أية حال المجاهدين من الاستمرار في القتال والسير به إلى النهاية. إلا أن بلاءهم الشديد واستماتتهم في ميدان المعركة حوّل هذا النقص إلى نقاط قوّة، وبهذا سجّلوا انتصارا جديدا يضاف إلى الانتصارات التي سجلها إخوانهم المجاهدون في بقية أنحاء الوطن. هذا وقد اسفرت هذه العملية البطولية على إلحاق هزيمة نكراء في صفوف العدو تتمثل في القضاء على عدد كبير من أفراد جيشه بما فيهم بعض كبار الضباط من مسيري المعركة وإصابة عدد آخر منهم بجروح متفاوتة الخطورة ولعل من الأسباب المباشرة التي جعلت خسارة العدو تصل إلى هذا الحد هو أن ما يقارب النصف من مجموع قتلى العد وجرحاه قد قضى عليهم الجنود الجزائريون المجندون في صفوف العدو في إطار الخدمة الاجبارية التي كانت تفرضها السلطات الاستعمارية على الشباب الجزائري. روى في هذا الصدد المجاهد المرحوم بكاي عبد الله المدعو سي بن أحمد من أنه بعد انتهاء المعركة وبالضبط في اليوم التالي حضرت قوات العدو لمنطقة القتال وجمعت السكان المدنيين وكلفتهم بمساعدتها ومن بين هؤلاء المدنيين من لاحظ أثناء عملية جمع الموتى أن نسبة عالية منهم مصابون في الظهر، مما يؤكد الدور العظيم الذي قام به هؤلاء المجندون في صفوف العدو، الذين استغلوا حمى ولهيب المعركة لتوجيه فوهات بنادقهم إلى ظهور جنود العدو الراكضين بجانبهم بدلا من تصويبها نحو صدور اخوانهم المجاهدين. وقد تأكد هذا بالفعل بعد عودة قوات العدو إلى مراكزها بمغنية، حيث تمكن بعض الجنود من مشاهدة هؤلاء المجندون وما قاموا به أثناء القتال وأخطروا قيادتهم بذلك الأمر الذي جعل مجموعة من الجنود الجزائريين يتعرضون للتصفية الجسدية، وأرسل باقي الجنود إلى أوروبا. أما خسائر المجاهدين كما تذكرها ال بعض من المجاهدين الباقين على قيد الحياة بالناحية فهي متفاوتة النسب إلى حد ما (وهكذا لأسباب) بيد أن أغلب المجاهدين يرجحون خسارتهم كالتالي : استشهد حوالي خمسة وعشرون مجاهداً وأصيب تسعة منهم بجروح متفاوتة الخطورة، وأسر نحو ثلاثة عشر مجاهداً وقد تمكن أحدهم من الفرار فيما بعد من سجن ندرومة.
وهكذا صارت أحداث هذه الملحمة البطولية التي أظهر فيها المجاهدون الأبطال من صور الفداء والجرأة والإقدام ما يعجز العقل هن وصفه، وأثبتت بالفعل والعمل على أرض الميدان زيف الافتراءات التي ما برحت تروجها أجهزة الإعلام الاستعمارية من أن المجاهدين ما هم إلا كمشة قليلة خارجة عن القانون من السهل جدّاً القضاء عليها في زمن زهيد، وكشفت أيضا خرافة الفصل بين الثوار والسكان المدنيين كما كانت تروج على أسماع الرأي العام العالمي، وكان الرد الحاسم على ذلك هو التجاوب الرائع والالتحام الذي عرفته أرض المعركة بين المجاهدين والسكان المدنيين.
تلكم كانت صورة متواضعة لمعركة واحدة كان لها الصدى العميق والاثر القوي لدى الرأي العام الداخلي على الخصوص في السنوات الأولى للثورة، وكانت بحق وثبة جبارة من وثبات الثورة المظفرة.
1470060_686288311402019_817788667_n-copie-1.jpg

 

 

Partager cet article
Repost0

commentaires