Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
23 mars 2006 4 23 /03 /mars /2006 00:00


في صبيحة اليوم السابع من شهر نوفمبر 1955 شهدت منطقة جبل زكري (مسيفة) جبالة بالولاية الخامسة المنطقة الثانية معركة كبيرة بين وحدة من وحدات جيش التحرير الوطني قوامها فصيلتين، ووحدات ضخمة للعدو كانت متواجدة بالمنطقة، وبالرغم من التفاوت والفارق الكثيف بين الفئتين من حيث العدد والعدة وزيادة إلى الظروف الطبيعية السيئة التي كانت تتميز بها منطقة العمليات من حيث الغطاء الطبيعي ووعورة سُبلها وبالرغم من أنها تدنو أن تكون منطقة هيماء جرداء ما عاد بعض الاشجار المتوسطة تُشهَدُ هنا وهناك، وبالرغم من كل ذلك صمم المجاهدون وعزموا على منازلة العدو بعين المكان، وقد ضرب المجاهدون أروع الامثلة في الشجاعة والمروءة والاستبسال وألحقوا بقوات العدو خسائر بشرية ومادية هامة. ونظرا لأهمية هذه المعركة من الناحية المعنوية بالذات (في تلك الفترة) والتي من دون شك قد أعطت دفعا جديداً لمسيرة الكفاح البطولي الذي خاضه أبطال جيش التحرير من أجل تحرير البلاد من ربقة الاستعمار الاستيطاني البغيض، ارتأينا أدراجها ضمن سلسلات المعارك البطولية التي خاضها المجاهدون بالمنطقة الثانية الولاية الخامسة إبان الكفاح التحريري.
المكان: جرت أحداث وقائع هذه الملحمة البطولية التي قام بها جمع من أبطال جيش التحرير ضد القوات الاستعمارية الداخلة في التاريخ المتطرق إليه أعلاه بالولاية الخامسة المنطقة الثانية، بمكان يدعى جبل زكري (مسيفة) جبالة. وجبل زكري الذي شهد أروع صفحات البطولات في السنوات الأولى للثورة يقع ما بين مدن الغزوات إلى الجنوب ومغنية إلى الشرق وإلى الغرب من مدينة ندرومة، والمكان عبارة عن منطقة جبلية تكاد تكون عارية باستثناء بعض الأشجار القليلة والمتناثرة هنا وهناك وحتى الغابات المتوفرة ليست بالشيء الكثير الذي يمكن أن يأوي إليه الإنسان ، مع احتواءه على مسالك ومنحدرات طبيعية وعرة، بالإضافة إلى اتساع رقعته مما جعله بالفعل يحتل مركزا استراتيجيا ممتازا إلى حد ما.
ولعل هذا من أهم الاسباب الداعمة والمشجعة التي مكنت المجاهدين من فرض استراتيجيتهم الخاصة وانزال خسائر جسيمة في صفوف قوات العدو وذلك كلما كانت تسمح لهم الظروف بالمواجهة معه في الميدان، وفي أماكن متفرقة بهذه الناحية.
يجتمع سكان هذه الناحية في عدة قرى متناثرة على رؤوس القمم وسفوحها، وبالقرب من هذه القرى يتربع جبل زكري الذي سجل اسمه منذ ذاك التاريخ ضمن سلسلة الجبال التي أمَّنت الثورة وحمتها وأمدتها بالمناعة إلى أن جاء النصر المبين. وإذا ذكرنا الجبل فقد يتبادر إلى ذهن القارئ، أنه على شاكلة الجبال المتواجدة بوسط وشرق البلاد من حيث الأشجار الباسقة والغابات الكثيفة والكهوف العظيمة الموفرة لمرتديها لا محالة مناعة طبيعية يصعب على العدو تحقيق ما يصبو إليه.فجبل زكري الذي شهدت أرضه الطيبة هذه الملحمة البطولية صباح يوم السابع من شهر نوفمبر 1955 إلى غاية الساعة السادسة مساءً من نفس اليوم لا تتوفر فيه هذه الشروط ولا يحتوي سوى على شجيرات قليلة وغابات خفيفة، ولكن وبرغم من كل هذا استطاع المجاهدون البواسل الأبطال أن يحققوا المستحيل بإذن ربهم. وأن يثبتوا للعدو أنهم قادرون على منازلته أينما كان ومهما كانت قواته المدعمة بمختلف الأسلحة .

سبب تواجد جيش التحرير بالمنطقة: يقول المجاهد لخضري عبد القادر من بلدية جبالة دائرة ندرومة أن سبب تواجد المجاهدين بهذه الناحية أنهم كانوا يستعيذون إلى الجبال بعد كل عملية يقومون بها ضد قوات العدو، وبالفعل فقد أقدم المجاهدون قبل هذه المعركة بأيام على تخريب مجموعات من الضيعات والمزارع التابعة للمعمرين "الكولون" بالمنطقة واتلاف كل ما بداخلها، فكانت آخر مزرعة تعرضت للدمار مزرعة المعمر فيليمو بتاوية قرب مدينة ندرومة، وبعد الانتهاء من تلك العملية اتجه أفراد جيش التحرير للتمركز بجبل زكري ولم يمضي من الوقت سوى يومين حتى تمت عملية الوشاية بهم من طرف أحد السكان المحليين، يدعى وَلْد لَصْقَعْ (وقد نفذ فيه حكم الثورة فيما بعد).
روى لنا أيضا المجاهد المرحوم مستغانمي أحمد المعروف باسم الرائد سي رشيد ذكرياته عن هذا اليوم فقال: "بعد مضي يومين على عملية تخريب مزرعة فيليمو تلقينا أمراً من قيادة جيش التحرير بضرورة مغادرة المكان والبحث عن مكان آخر يكون أكثر آمنا، لأن منطقة جبل زكري مسيفة منطقة مشكوك فيها وقد نفاجئ بهجوم مباغت من قبل العدو وبالتالي يحدث ما لم يكن في الحسبان وقد اغتنمنا فرصة تواجدنا بالمنطقة، فعقدنا اجتماعا مع المسؤولين السياسيين والعسكريين بجبل طماي (بالناحية) وكانت الساعة الواحدة ليلا يوم 6 نوفمبر 1955 استغرق لقاءنا مدّة ساعات كاملة، وكان من بين الحاضرين الشهيد الرائد سايح الميسوم المعروف باسم الحنصالي، بن علال، وسايح سي صالح المعروف باسم بوشاقور. وتم ذلك اللقاء لدراسة الأحوال وضبط الأوضاع بدقة لتكثيف ومضاعفة العمليات ضد التواجد الاستعماري، ولما انتهينا من الاجتماع انقسمنا إلى مجموعتين، وغادرنا الأجواء نحو دوار مسيفة حيث قضينا بقية الليلة هناك، وبمجرد وصولنا إلى الدوار أقمنا نقاط الحراسة حتى لا نفاجَئ بالعدو، وفي الربع الأخير من الليل أنذرتنا فرقتنا المكلفة بالحراسة بوجود تحركات للعدو في المراكز القريبة منا وأعلمتنا بأنها مقبلة من جهتين، وقبل فجر صبيحة اليوم السابع من شهر نوفمبر سنة 1955 كان العدو قد أتم عملية التطويق والحصار، وقد شملت تلك المحاصرة واد اَزْلاَمَطْ إلى مدينة مغنية ومنها إلى باب تازة بالجبالة واكتملت الحلقة نهائياً بتطويق كل ناحية ندرومة. وبذلك أصبح الحصار على شكل حلقة دائرية وعندما تحقق العدو من إكمال الحصار، وتم بالضبط تحديد نقاط تواجد المجاهدين، بدأ العدو يتقدم على شكل حلقة دائرية ثم بعد ذلك تأكد للمرحلة الأخيرة من اتمام عملية الحصار والتقدم إذ بعد طلوع الشمس تحركت قواته وبشكل مكثف في عمليات تمشيط على جميع الاتجاهات والتقدم رويدا رويدا نحو المنطقة المستهدفة والتي كان يتمركز فيها المجاهدون لتضييق الخناق عليهم ومحاولة أسرهم أحياء إن أمكن ذلك."
1441339_685779848119532_2035759427_n.jpg

 

 

Partager cet article
Repost0

commentaires